لا تخلو عملية التوفير أثناء تشييد المنزل من أخطاء يرتكبها صاحب المنزل نفسه على الرغم من أن نواياه كانت منصبة على تحقيق وفورات مالية يستطيع من خلالها تغطية نفقات أخرى، لكن المفاجأة تظهر عندما يكتشف رب الأسرة أو صاحب المنزل أن كل ممارساته ذهبت في اتجاه زيادة التكلفة لا خفضها.
وبالطبع فإن الكثيرين ممن قرروا أن يصبحوا مصممين للمنزل وبنائين له اكتشفوا حجم خساراتهم المالية إلى جانب جهدهم المهدور في الإشراف على مفاصل عملية البناء التي يجهولن جوانب كثيرة منها إن لم يكن كلها.
لكن ذلك لا يعني من ناحية ثانية بأن العديدين نجحوا بالفعل في تحقيق وفورات مالية وحتى معنوية بقيامهم ببعض الممارسات الصحيحة سواء على صعيد تصميم المنزل أو بناء بعض إجزائه أو الإشراف على جانب من عمليات البناء والتي غالباً ما تتعلق بالتشطيبات وتتصل بنوعية المواد ومناشئها والجودة التي يحتاجها من دون المبالغة في اختيار مواد أكثر أو أقل من الحاجة الفعلية لإتمام عملية بناء منزل العمر بأقل التكاليف.
تجربة
تتخلل تجربة الساعين للتوفير بمرحلة البناء تحديات عدة وقليلون فقط هم الذين يراجعون أنفسهم وقد يقررون تسليم الأمور برمتها إلى المهندس أو المقاول أو بالمضي قدماً في لعب ادوارهما نظراً لأنهم بأمس الحاجة الى التوفير من كافة بنود البناء بسبب التكلفة التي ربما تكون كبيرة ولأن المنزل يعد استثماراً للأسرة نجد بأن الكثير منا يلجأ ببداية المشروع إلى ارخص مكتب هندسي لعمل التصميمات والمخططات، ويفعل مثل ذلك مع مقاول التنفيذ وبالمواد التي ستستخدم ببناء المنزل ــــ وأخيراً يقوم بالإشراف بنفسه على العمل بدلاً من المهندس المشرف ليوفر تكلفته، أما النتيجة فهي أما النجاح في عملية التوفير أو حصول خسائر وهدر غير متوقعة.
وفي الحالة الثانية فإن التكلفة تزيد سواء بعلم أو من دون علم صاحب المنزل ناهيكم عن إحتمال الحصول على جودة لا ترضي صاحب المنزل في نهاية المطاف خاصة عندما تبدأ العيوب بالظهور في الجدران أو الأرضيات أو التأسيسات الصحية والكهربائية وتحديداً في بنود وفقرات البناء التي تدخل فيها صاحب المنزل على نحو غير احترافي.
ربما من الأفضل لمن يقرر أن يتدخل في كل فقرات بناء منزله أن يتحاشى بعض الممارسات الخاطئة وأبرزها:
1 - اختيار أرخص مخططات للمنزل لتوفير تكلفة الخرسانة والحديد المستخدم فيها.
2 - اختيار مقاول يقدم سعراً رخيصاً للبناء والعكس صحيح أو اختيار مقاول قليل الخبرة ما يؤدي لاحقاً إلى بروز خلافات بين المالك وبين المقاول والنتيجة الحتمية توقف البناء وتعرض المالك إلى الضرر وخوض معاناة ناجمة عن توقف أعمال البناء والتي قد تفشل جهود التراضي في إعادتها حتى تعود باختيار مقاول آخر مع بقاء الخلاف مع المقاول القديم قائماً وقد يصل إلى المحاكم فيكبر الضرر نظراً لحاجة صاحب المنزل إلى محام وهكذا، وفي النهاية قد تنتهي المشكلة بصورتين إما لصالح صاحب المنزل أو لصالح خصمه المقاول.
3 - اختيار مواد بناء رخيصة أو غالية.. فكلا الخيارين ليسا في صالح صاحب المنزل .. وتحديداً اختيار الأرخص لمجرد أنها أرخص سعراً من دون مراعاة الجودة وغالباً ما تكون الأعمال التي تتم بتلك المواد مساوية أو تزيد على قيمة المادة نفسها.
كما ان صاحب المنزل قد يضطر في كثير من الأحيان لإعادة عملها أكثر من مرة بسبب (مغشوشة) وعيوبها غير ظاهرة اثناء التجهيز وسرعان ما تظهر عقب استخدامها في البناء. وعلى سبيل المثال الأعمال الصحية (السباكة) فإذا ما تمت بمواد (مغشوشة أو رديئة) وهي الأعمال التي تختفي معظمها خلف أرضيات وجدران المبنى يصبح أثرها سيئاً على المنزل بعد استخدامه لفترة زمنية وجيزة وقد تتسبب في تقصير عمر المنزل وتعجيل عمليات الصيانة وهي بطبيعتها ليست رخيصة.
4 - الاستغناء الكامل أو الجزئي عن إشراف مهندس متخصص بمتابعة أعمال التنفيذ (مرحلتي الهيكل الخرساني والتشطيبات) وقد يتسبب بخسائر كثيرة من أبسطها وجود عيوب في بعض مفاصل البناء من أن يلاحظها المالك فيجري تسليم المنزل للأخير ليكتشف تلك العيوب لاحقاً بعد أن يكون التعاقد قد انتهى مع المقاول.
لكن وجود مهندس مشرف في مراحل العمل سيكون مطمئناً للمالك سواء لجهة اكتشاف الخطأ أو لجهة إلزام المقاول بتصحيح ذلك الخطأ من دون تحميل المالك أية تكاليف مالية، بالتالي سيضمن المالك انه قد حصل على مبنى بمواصفات جيدة وبالتكلفة والوقت المحددين.
ألوان المنزل
لحجم وألوان حجرات المنزل (والمكتب على حد سواء) دور كبير في الحالة النفسية ـــ حيث إن الضيق بمساحة الحجرات يشعر بعدم الراحة ــــ وحيث ان مسكن العمر فستطول به الإقامة واستعمال تلك الحجرات، ما قد يسبب بعض الضغط النفسي، اما من ناحية ألوان الحجرات (دهان واثاث) فهي تلعب دوراً مهماً أيضاً بالحالة النفسية فكل لون له خصائص تساعد على الحالة المزاجية وعلى سبيل المثال:
تأثير الألوان في المكان يكاد لا يضاهيه أي تأثير آخر، حيث نلمس ذلك في كل زاوية وركن من أجزاء المنزل، فالألوان هي الكفيلة بالتأثير في مزاج الإنسان وتحويله من حالة إلى أخرى، وتتعدد الألوان في تأثيراتها بتنوع نماذجها، فلكل لون فعله وسحره الخاص الذي ينفرد به في التأثير سلباً أو إيجاباً...
وتتميز الألوان الطبيعية، ونعني بها الألوان المقتبسة من الطبيعة التي تحيط بنا من كل جانب، كلون الخشب والحجر والتراب بخصوصية تميزها عن غيرها... فهي أعظم قدراً ومكانة في عالم الديكورات الحديثة، لما لها من تأثير مستمدة قواها من الطبيعة نفسها.
وفي ظل إمكانية الاختيار الواسع لهذه الألوان المنتشرة والكثيرة بكثرة ألوان الطبيعة، مثل الألوان الساطعة كلون البيج والرمادي لون القش والحجر والألوان الغامقة تصبح الديكورات المكسوة بها في تألق دائم.. وتجسد ألوان الطبيعية الأبعاد الحية لمدلولاتها وتستند إليها في جوهرها، وكذلك إلى الوحدة والتجانس، وتجلب الراحة والطمأنينة.
وعلى الرغم من أن هذه الألوان لا تتناغم مع بعضها البعض في كثير من المواضع إلا إذا امتزجت مع ألوان حية أخرى، كالألوان المساعدة، لكنها تتمتع بميزة الانتعاش والحيوية التي تبعثها في الديكورات، المكونة من مفرداتها.
وهكذا تتناسب الألوان الطبيعية مع مختلف أجزاء المنزل، وتعتبر أبرز العناصر الأساسية للديكور، وتجلب الراحة والحيوية والبساطة اللازمة ليتمتع بها الصالون وغرفة النوم والمطبخ، وبقية أجزاء المنزل.
التخطيط الصحيح
تقول موسوعة ويكبيديا بأن البيت العربي يتجه نحو الداخل، للبيت صحن أو ملتقى تتوجه نحوه الفتحات والشبابيك ومعظم الأبواب وتقام معظم نشاطات أهل البيت فيه أو حوله، الصحن في البيت العربي هو قلب البيت ومحوره. بأبسط أشكاله يكون الصحن مربع أو مستطيل الشكل يحيط به رواق ويتوسطه حوض ماء أو نافورة وربما قمرية. يكون الدخول إليه عن طريق مجاز.
يختلف عدد الطوابق في البيوت حسب مواقعها الجغرافية، معظمها في طابقين مثل البيوت في مدن سوريا والعراق والفلل في الإمارات، أربعة أو خمسة كما في مكة وبعض مناطق الحجاز أو حتى سبعة طوابق كما في اليمن. في المناطق الريفية تكثر البيوت ذات الطابق الواحد.
بصورة عامة تكون البيوت ملتصقة ببعض بحيث أن للبيت واجهة واحدة فقط غير ملتصقة بالجيران، إلا إذا كان البيت على تقاطع شارعين. من هذه الواجهة الوحيدة اعتاد أهل المشرق العربي تغليف الفتحات في الطابق الأول وما فوقه بالمشربيات.
كما في دمشق أو الشناشيل كما في العراق، أما في المغرب العربي فلم ينتشر استخدام المشربيات كثيراً إلا أن الشبابيك كانت تغلف أيضاً بالخشب المشغول. على الطابق الأرضي تطل على الشارع شبابيك المجلس فقط، وقد توضع دكة عند الباب الذي يفتح على المجاز.
واجهات الصحن في الطوابق العلوية إما أن تغطى بالمشربيات أو تحاط برواق آخر فوق الرواق الأسفل تطل عليه شبابيك الغرف المختلفة والأواوين.
بالإضافة إلى المجلس، يكون للبيت غالباً قاعات وغرف أخرى للاستقبال، خصوصاً استقبال النساء والعائلة وغرف معيشة للأسرة. غرف النوم ليست كثيرة عادة بل ان المعتاد أن أكثر من شخص ينامون في مكان واحد، بالإضافة لما سبق يتوفر مطبخ يرتبط مع الصحن بمجاز وقد تتوفر حجرة صغيرة للخدم. وهناك ما يسمى بالخربة وهي مأوى الدواب تقوم بوظيفة المرآب في البيوت الحديثة.
مواد وأساليب البناء تختلف باختلاف المناطق
تختلف مواد البناء حسب المنطقة إذ أنها غالباً ما تكون محلية إلا أن استخدام الطوب أو الطابوق شائع جداً. في دمشق يستخدم الحجر الملون بكثرة، وفي سواحل الخليج العربي يكثر استخدام حجر المرجان المستخرج من البحر كما في دبي. يعتمد في البناء على الجدران الحاملة كنظام بناء رئيسي مع كثرة استخدام مختلف أنواع الأقبية للتسقيف بالرغم من أن السقوف الخشبية تستخدم أيضاً لرخصها وسهولة بنائها مقارنة بالأقبية، إلا أن عمرها قصير أيضاً بالمقارنة.
المشربيات والشبابيك والأبواب تكون خشبية وتشتهر عدد من المدن العربية بصناعتها، ويستورد الخشب من مناطق مختلفة حسب قرب الموقع وثراء صاحب البيت إذ ان الخشب الصالح للبناء وتصنيع الأثاث غير متوفر.
تطلى البيوت عادة بالشيد ثم تصبغ بالألوان الفاتحة من داخل الغرف، الواجهات الخارجية قد تطلى وتصبغ كما في اليمن والمغرب العربي، أو قد تترك كما في الشام والعراق، هذا يعتمد على الطراز السائد للواجهات في المنطقة. البيوت الفقيرة عادة لا تبلط الأرض، بل تسوي التراب وتغطيه بالحصائر، في البيوت المتوسطة تبلط الأرض عادة بالطابوق الفرشي أو حجر والأكثر ثراء قد يستخدمون الرخام والفسيفساء كما في البيت الدمشقي.
3 عناصر
وقد أسهمت ثلاثة عناصر رئيسية في تشكيل فن العمارة بدبي، وهي: المناخ (كونه حاراً ورطباً)، التعاليم الدينية والعادات والقيم الاجتماعية، توافر مواد البناء محلياً.
وللتقليل من حدة الحرارة، تم بناء البيوت قريبة جداً من بعضها بعضاً، تتخللها ممرات ضيقة، تمتد من الشمال إلى الجنوب وتطل نهايتها على الخور. وكانت جدران البيوت المرتفعة توفر قسطاً كبيراً من الظل لهذه الممرات معظم ساعات النهار، تاركة الهواء يتخللها لتبريد المكان، وقد أسهم هذا التصميم للبيوت في خلق نظام تكييف ذاتي جيد، حيث تركت فتحات في غرف الجلوس تطل على الساحة الداخلية للمنزل، للسماح لنسمات الهواء بالنفاذ لجميع أرجائها.
ويعد هذا النمط من التصميم منسجماً انسجاماً تاماً مع التعاليم الدينية والقيم الاجتماعية، التي تراعي خصوصية كل فرد، مع العلم أن معظم البيوت خلت من الفتحات، عدا فتحات التهوية الموجودة في أسقفها. وكان يحول بين البيت والمدخل جدار عالٍ يحتم على الزائر أن يسلك التفافاً حاداً قبل أن يدخله، وذلك لضمان عدم رؤية المارة لسكان البيت.
وتبرز بوابات البيوت بشكلها الجميل، مزدانة بزخارف محفورة ببراعة، معظمها يحاكي فنون الحفر في الهند. وقد اتسمت مواد البناء المحلية بالبساطة، مع ملاءمتها للظروف الجوية الصعبة ونمط الحياة، وتنوعت أشكال البيوت، فمنها بيوت البدو الرحل الذين كانوا في موسم الشتاء يسكنون خيماً مصنوعة من شعر الحيوانات وجلودها، وأما في الصيف فكانوا يقطنون أكواخاً تبنى من سعف النخيل، ويسمونها العريش.
براجيل
ويعد استحداث أبراج الهواء (البراجيل) عنصراً معمارياً مميزاً لفن العمارة في دبي في أوائل القرن العشرين، وقد استخدمت العرب هذه الأبراج لسنوات طويلة، وتوجد في كل برج أربع فتحات مجوفة على شكل حرف V ، تدفع الهواء من الأعلى إلى الأسفل، مما يؤدي إلى تكييف البيت من الداخل، وللمساعدة اعتاد الناس على رش المياه على أرضية البيوت لتلطيف الجو بتبخرها، أما في حالة زيادة نسبة البرودة فيتم إغلاق الفتحات.
تطور
ومع اكتشاف النفط، شهدت دبي انفجاراً سكانياً غير مسبوق، وأصبحت خلال السبعينيات تضم التجمع الأكبر للسكان على مساحة محدودة، فظهر نظام الشقق والبنايات إلى جانب البيوت التقليدية. وقد تم بناء البنية التحتية لدبي، من طرق وإسكان وأنظمة صرف وأبنية المكاتب... الخ، في هذا العقد من الزمن. وكان أهم هذه البنايات مركز دبي التجاري العالمي، الذي يتألف من 39 طابقاً.
وقد أسهم فنانو العمارة في دبي منذ الثمانينيات في تطوير مشاريع معمارية تواكب التطلعات الحضارية للسكان، وتم بناء فناء ونوافير مياه في مبنى بلدية دبي، كما تمت إضافة أقواس تقليدية إلى مبنى مستشفى الوصل.
واستمر التطور في فن العمارة بدبي عاماً بعد آخر، ففي التسعينيات تم اعتماد مشاريع للتحديث، وانتشرت الحدائق العامة في مناطق متعددة من دبي.
وأسهم توفر جميع المواد ووسائل التكنولوجيا هذه الأيام في خلق تصاميم جديدة بفن العمارة بدبي، فنرى الآن البنايات الرائعة والفخمة في جميع أرجاء دبي، مثل مركز برجمان للتسوق وأبراج الإمارات وفندق برج العرب وفندق جميرا بيتش، وجميع المعالم التي تتميز بتصميم معماري حديث مع الإبقاء على لمسات من فن العمارة العربي التقليدي.
عمران دبي
شهدت دبي على الدوام تاريخاً تجارياً حافلاً، وكانت بمثابة نقطة عبور للقوافل التجارية السالكة للطريق التجاري، الذي يمتد من العراق إلى عُمان براً، وكانت مرفأ استراتيجياً لكل السفن التي تنتقل بين الهند وشرقي إفريقيا وشمالي الخليج العربي. وقد جعل هذا الموقع المتميز من دبي مركزاً تجارياً عالمياً، يمتزج فيه الكثير من الثقافات والتقاليد.
حيث انعكس ذلك على جميع ملامح المدينة وعلى العمارة فيها. ولقد انصهرت فنون الأمم الأخرى في دبي، لتصبغ فن العمارة بثراء لا نظير له، فعلاوة على الاحتفاظ بطابع الأصالة العربية، أغنى التنوع فن العمارة في المدينة وأضاف إليه فنون آسيا وأوروبا.